البيانات والابتكارات الزراعية التي تساعد على التنبؤ بمخاطر آفات المحاصيل وإدارتها في البلدان منخفضة الدخل

للاستفسارات الإعلامية

عبد المطلب بيجمراتوف

مدير إدارة المعرفة والتواصل الإعلامي

  • A.Begmuratov@biosaline.org.ae
  • 45 63 304 4 971 +
  • طبيب نباتات يقدم نصائح حول الصحة النباتية لإحدى المزارعات في ملاوي (الصورة: CABI)
20 يونيو 2021

تتيح الحلول الجديدة التي تأخذ شكل أنظمة التحذير من مخاطر الآفات الآن فرصة فريدة للبلدان منخفضة الدخل للتنبؤ بالآفات التي تشير التقديرات أنها تسبب خسائر في المحاصيل تتراوح ما بين 20-40% سنويًا، مما يهدد الأمن الغذائي للملايين، والحيلولة دون تجمعها والتعامل معها بشكل أفضل، وقد تم الإشارة إلى ذلك في موجز قمّة الأمم المتحدة للأنظمة الغذائية لعام 2021 الذي أعده علماء يعملون في المنظمات الأعضاء في رابطة المراكز الدولية للبحث والتطوير في مجال الزراعة.

في الموجز الذي يرد بعنوان "الاستفادة من البيانات والنماذج والابتكارات الزراعية للحيلولة دون توغل الآفات والاستعداد لمواجهتها والتصدي لها: تقديم خدمة مكافحة مخاطر الآفات للبلدان منخفضة الدخل"، يوضح العلماء كيف يمكن أن تسهم زيادة توافر البيانات وإدارتها ونمذجتها، إضافة إلى أوجه التقدم التقنية الحديثة، في دعم وضع أنظمة التحذير المبكر وتحديد المخاطر المتعلقة بالصحة النباتية في البلدان منخفضة الدخل، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين الأنظمة الغذائية والإسهام في تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة "القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية".

البيانات والتنبؤ بمخاطر الآفات

يعتمد العديد من البلدان والنظم الاقتصادية والأفراد ذوي الدخل المنخفض عالميًا على الزراعة بوصفها إحدى الدعائم الأساسية، لكن الكثير من المخاطر مثل آفات المحاصيل وتغير المناخ وضعف أنظمة الصحة النباتية ونقص القدرات المالية والبشرية وإمكانيات البنية التحتية، وغيرها من العوامل، يعوق إنتاج المحاصيل.

على سبيل المثال، من المتوقع أن تزداد خسائر المحاصيل الناجمة عن الآفات والأمراض بسبب تغير المناخ مع توقع حدوث خسائر تتراوح ما بين 10-25% في عائد محاصيل الحبوب الرئيسية لكل درجة من درجات متوسط الاحترار السطحي العالمي.

من الجدير بالذكر إلى أنه تم إحراز قدر كبير من التقدم بفضل العديد من المبادرات المستمرة لتمكين أصحاب المصلحة في أنظمة الصحة النباتية، ومنهم المزارعين، من خلال إيجاد حلول تهدف إلى التخفيف من حدة هذه المخاطر. بيد أن الحلول التي تأخذ شكل أنظمة التحذير من مخاطر الآفات لا تزال نادرة. فوفقًا للموجز، وُضعت أنظمة التحذير من مخاطر الآفات على الأغلب في البلدان ذات الدخل المرتفع وطُبّقت في البلدان منخفضة الدخل بالنسبة لعدد قليل من الآفات العابرة للحدود أو تلك الآفات التي تهدد المحاصيل عالية القيمة لأسواق التصدير.

تشير الدلائل الآن إلى أن الجمع بين أحدث أوجه التقدم في توفير البيانات وإدارتها واستخدامها وتوافر التقنيات المتطورة، إضافة إلى منهجيات الإرشاد المبتكرة، يتيح فرصة حقيقية للبلدان منخفضة الدخل للحيلولة دون تغلغل الآفات والاستعداد لمواجهتها والتصدي لها عبر خدمات مكافحة مخاطر الآفات. حيث توفر هذه الأنظمة تحذيرات من البؤر الجغرافية المحتملة للآفات العابرة للحدود أو تراكم الآفات المحلية في المستقبل القريب والتي يمكن استخدامها للتحذير من التفشي المحتمل للآفات وتحديد التدخلات المستهدفة الملائمة.

تنفيذ أنظمة المراقبة والتحذير المبكر

إن الجراد الصحراوي هو أحد أكثر الآفات العابرة للحدود تدميرًا والتي تؤثر على قارة إفريقيا وأجزاء من قارة آسيا. فقد أتاحت الظروف المواتية، في عامي 2019 - 2020، إمكانية التكاثر السريع للآفات وهجرتها عبر مناطق جغرافية واسعة مما أثر بالتالي على إنتاج الغذاء.

يجري حاليًا استخدام أنظمة مثل خدمات معلومات الجراد الصحراوي لتحذير السلطات من الظروف المواتية لتجمع أسراب الجراد الصحراوي، مما يسمح بالتدخل في الوقت المناسب. تستخدم خدمة معلومات مكافحة مخاطر الآفات أحدث التقنيات لتوعية المزارعين في أفريقيا جنوب الصحراء بتفشي الآفات التي يمكن أن تدمر محاصيلهم وسبل عيشهم، من خلال الجمع بين البيانات المستقاة من الأقمار الصناعية والملاحظات الميدانية والبيانات مشتركة المصدر التي يتم الحصول عليها من المشتركين. تضع خدمة معلومات مكافحة مخاطر الآفات نماذج لتجمعات الآفات على المحاصيل الرئيسية وتُصدِر تلقائيًا رسائل تحذير من المخاطر وتدابير التخفيف من حدتها والتي يتم إصدارها للمستخدمين في صورة تحذيرات.

كما تكون البرامج الأخرى قادرة على استخدام أحدث التقنيات لجمع البيانات عن وجود الآفات ومراقبة تحركاتها ووضع نماذج للخسائر المحتملة في المحاصيل والتنبؤ بها، وتُعد هذه الرؤى الثاقبة أمرًا ضروريًا للسلطات ومتخذي القرار للتنبؤ بوجود الآفات ومنعها والتصدي لها بشكل سريع.

بالإضافة إلى التحذير المبكر ومراقبة تجمعات الآفات وتحركاتها، يتم استخدام البيانات والتقنيات لرصد بيئات الآفات المحتملة الحالية والمستقبلية باستخدام أدوات مراقبة الأرض التي تم إطلاقها حديثًا.

يمكن الاستناد إلى بيانات مراقبة الأرض على المدى الطويل أيضًا لوضع نماذج للسيناريوهات المستقبلية والتنبؤ بها.  وبالاعتماد على التعلم الآلي المتطّور والذكاء الاصطناعي، يمكن استخدام أنماط حالات تجمع الآفات في الماضي والحاضر للتنبؤ باحتمالات تجمعها في المستقبل قبل أشهر، مما يتيح تطبيق التدخلات المستهدفة والفعالة.

الخطوات المقبلة

ينبغي أن تكون الأنظمة الفعالة للتحذير من مخاطر الآفات قادرة على توعية من هم في أمس الحاجة إلى الحصول على المعلومات بالمخاطر واستراتيجيات التخفيف من حدتها حتى يمكن الحد من الخسائر المحتملة في المحاصيل وإجراء تدخلات مستدامة في الوقت المناسب. ولبلوغ هذه الغاية، يُوصي العلماء بضرورة النظر في العديد من الجوانب في المستقبل القريب بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل.

ينبغي نشر البيانات بشكل علني باستخدام مبادئ التوافق وإعادة الاستخدام وسهولة البحث والاطلاع. وهذا يعني أنه ينبغي، كلما أمكن، أن تكون البيانات قابلة للبحث والاطلاع وإعادة الاستخدام مع سهولة الوصول إليها، حيث تساعد مشاركة البيانات التي يسهل الوصول إليها بشفافية عبر منصات الويب المشتركة والمستودعات المؤسسية على سد الثغرات المعلوماتية في المراقبة الإقليمية والمحلية وتحسين الربط بين أنظمة البيانات ومشاركة البيانات المتعلقة بالآفات.

ينبغي تدريج المنصات والبوابات التي توفر التقارير ومجموعات البيانات والتي يستخدمها صانعو القرار الوطنيين والإقليميين على الأغلب بحيث تصل إلى مستوى المزارع، مما يضمن أن تصبح المعلومات قابلة للتطبيق وضمن القدرات التقنية للمزارعين. وعلى هذا النحو، ينبغي للمزارعين المشاركة في استحداث وإطلاق خدمات جديدة، ومن ذلك الاضطلاع بأداء أدوار في تلبية المتطلبات المعقولة في مجال محو الأمية الرقمية.

لتحقيق قدر أكبر من التأثير، ينبغي أن تتجه الجهود المتضافرة نحو تحويل مجموعات البيانات الأكبر إلى معارف قابلة للتطبيق، ويمكن استخدام الرؤى القابلة للتطبيق مثل التوجهات المتعلقة بحركة الآفات في الوقت الفعلي، مما يسمح لأصحاب المصلحة الرئيسيين في نظام الصحة النباتية بالاستجابة لذلك في الوقت المناسب. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام أنماط حالات ظهور الآفات والأعشاب الضارة السابقة والتي كانت محجوبة فيما سبق للتنبؤ بالهجمات المستقبلية والتدخلات المستدامة المستهدفة مثل استخدام المبيدات الحشرية الحيوية.

تؤدي الشراكات بين القطاعين العام والخاص دورًا رئيسيًا في ضمان استدامة أنظمة التحذير بمخاطر الآفات على المدى الطويل، وينبغي أن تسهم هذه الشراكات في تمكين الدول الغربية المتقدمة، التي غالبًا ما يتوافر لديها البنية التحتية والقدرات التقنية، من مشاركة أنظمتها وقدراتها مع الدول منخفضة الدخل.

تتطلب أنظمة التنبؤ بالآفات في المستقبل أيضًا مشاركة متعددة التخصصات وتعزيز الروابط من جانب أصحاب المصلحة الرئيسيين في أنظمة الصحة النباتية ذات الصلة، إذ سيوفر هذا أساسًا قويًا لاستحداث أنظمة مبتكرة للتحذير من مخاطر الآفات وتوسيع نطاقها على الصعيد المحلي والوطني والإقليمي.