متحف التربة

مع تزايد التهديدات التي تواجه الأمن الغذائي، تبرز أهمية التربة في الزراعة وكيفية استجابتها للبيئات المتغيرة وبخاصة في البيئات الهامشية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة. وتبقى الأسئلة المطروحة التي تستحق الإجابة والتقصي كالتالي ماذا يحدث تحت الأرض؟ كيف تتغير التربة؟ ماهي التأثيرات الناجمة عنها؟    

تتطلب التربة الرملية التي تغطي ما يقارب ٧٥٪ من أراضي الإمارات ممارسات إدارية خاصة للحصول على الإنتاجية الزراعية. وحيث أن الإمارات تسودها ظروف البيئة الصحراوية الحارة، فإن تربتها عرضة لتدهور شديد يقلل من قدرتها الإنتاجية. وبما أن صحارى الإمارات تتسم بالديناميكية فإنه من الضرورة بمكان توثيقها. وعادة ما تُحفظ التربة في متاحف التاريخ الطبيعي، في حين لا يوجد سوى عدد قليل جداً من متاحف التربة في العالم وبينما تغيب نهائياً في المنطقة العربية.

استجابة لذلك، اتفق المركز الدولي للزراعة الملحية "إكبا"مع هيئة البيئة في أبوظبي ووزارة البيئة والمياه على ضرورة إيجاد متحف للتربة يغدو مركزاً تعليمياً لمختلف الزوار المهتمين بالحصول على معلومات عن التربة، بالإضافة إلى دوره في رفع التوعية وتعزيز تقدير التربة وإدراك أهميتها لصالح التنمية الوطنية وتحقيق الأمن الغذائي. 

الأنشطة والانجازات

خلال مرحلة تصميم المتحف، اهتم المركز بتضمين وحدات تعليمية مختلفة عن التربة تلبي حاجات ومتطلبات شريحة واسعة من الزوار من أطفال المدارس إلى طلاب الجامعات والباحثين والمهنيين وكذلك العلماء وخبراء البيئة والمتعهدين وناهيك عن خبراء تخطيط الأراضي وأصحاب الشأن وصناع السياسات. ويهدف التصميم إلى جعل المتحف مكاناً يزود طالبي المعرفة بالمعلومات المطلوبة عن التربة ويعزز الوعي بقيمتها وأهمية المحافظة عليهاللحصول على خدمات مستدامة وحماية البيئة. علاوة على ذلك، سيتم إدخال تقانات رقمية جديدة ووحدات للتعلم التفاعلي وابتكار عروض داخل المتحف لاستقطاب الزوار بطريقة تعليمية ممتعة.  

ينقسم متحف التربة،الذي يقع في المقر الرئيسي لإكبا في مدينة دبي الأكاديمية، إلى أقسام متعددة يؤدي كل منها غرضاً معيناً ويعرض تنوع المشهد الطبيعي والتربة؛ والتربة والبيئة ؛والتربة وتغير المناخ؛ التربة والتصحر.

 يشتمل موقع العرض الرئيسي على مقدمة حول مكونات وأهمية علم التربة ومبادئه وتاريخه، كما يوضح فيه ألوان التربة وبنيتها وتركيبها، إلى جانب التربة الزراعية، والأسمدة الكيماوية والعضوية،والموارد المعدنية الساحلية، وعلامات الاحتباس الحراري،فضلاً عن كيفية تشكيل التربة والصخور للمعادن والفخار.

ويعرض قسم نماذج التربة أنواع التربة الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة ويظهر تمثيلاً لطبقات التربة ويقارن بينها داخل صالة مغلقة، كما يوضح في الوقت عينه ملاءمة التربة للزراعة المروية. 

يمثل تعدد ألوان التربة في دولة الإمارات الألوان الطبيعية المختلفة للرمال اعتماداً على تركيبتها الفريدة الموضحة في "مطياف ألوان الرمال السبعة" الذي يلغي بدوره تصنيف كل إمارة حسب لون معين. وقد أدى الاكتشاف العالمي لتربة الأنهيدريت للمرة الأولى في دولة الإمارات إلى إدخال تصنيف التربة المحلية في النظام الأمريكي لتصنيف التربة، وكذلك شرح كيفية تشكل المعادن واستقرارها في الظروف الجافة.ويُكرس قسم الصخور والمعادن لتوضيح الخصائص الجيولوجية للصخور والمعادن المكتشفة في المناطق الجبلية من دولة الإمارات. 

يوفر قسم محاكاة الكثبان الرملية للزوار الاستمتاع بتجربة حركة الرمال من خلال حركات متموجة في الصحراء لتشكيل الكثبان. أما وحدة محاكاة ترشيح المياه فتمثل عرضاً توضيحياً فريداً آخر، حيث تبين للزوار مفهوم الترشيح السريع للمياه في التربة الرملية وبالتالي الحاجة إلى تطوير خصائص التربة لتحقيق استخدام أكثر كفاءة للمياه والمغذيات. 

يقدم معرض الأدوات الأساسية لاختبار التربة معرفة عملية حول الأدوات والمعدات الأساسية لاختبار التربة (اليدوية منها والرقمية) المستخدمة في اختبار التربة في مواقعها الطبيعية بما في ذلك  الحفر اللولبي والتقطيع وأخذ العينات والاختبار وغيرها.    

كما يشتمل المتحف على نظام الكتروني لمعلومات التربة في دولة الإمارات العربية المتحدة وعروض فيديو ومكتبة متخصصة في علم التربة تحوي كتباَ وخرائط مصورة متعددة ومؤلفات حول التربة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية (البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات). وبالإضافة إلى ذلك تتوافر معلومات مفصلة تتضمن خرائط وملخصات بيانية وبوابة ولوج إلى قاعدة بيانات عن موارد المياه من خلال النظام الالكتروني لمعلومات التربة. 

نظام معلومات التربة في دولة الإمارات العربية المتحدة هو تطبيق إلكتروني آمن متصل بالشبكة ومرتبط بنظام المعلومات الجغرافية، يسمح للمستخدمين بتخزين واسترجاع وعرض المعلومات المتعلقة بالتربة والبيانات المرتبطة بها من خلال واجهة عرض سهلة الاستخدام.  

الاتجاهات المستقبلية 

يتطلع المركز الدولي للزراعة الملحية إلى توسيع المتحف ليتمكن بذلك من عرض أنواع التربة الموجودة في كافة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن ثم دول عربية أخرى،ما يؤهله ليصبح في المستقبل مركزاً إقليمياً للتعليم التفاعلي. ورغبة في استقطاب الطلاب، سيُزوّد الموقع بعروض مع ألعاب تفاعلية ورسوم متحركة وأفلام. كما ستتوافر تطبيقات تفاعلية للطلاب يمكن تحميلها على أجهزتهم الخلوية واللوحية. وبالتزامن مع ذلك، يسعى المركز لإنشاء متحف افتراضي على شبكة الإنترنت مما سيزيد من الفوائد التعليمية ونشر المعرفة على نطاق أوسع.