إعادة استخدام المياه الفضلات

يشكل الأمن المائي تحدياً جسيماً في البيات الهامشية من قبيل تلك السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تحظى بنسبة 1.3 في المائة من المياه العذبة المتجددة على مستوى العالم. ولعل التنمية الزراعية المستدامة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تواجه عقبات ناجمة عن الافتقار إلى موارد المياه المتجددة. فعلى سبيل المثال، تحظى المملكة العربية السعودية بأعلى كمّ من موارد للمياه المتجددة سنوياً (2.4 مليار متر مكعب)، تأتي من بعدها عُمان (1.79 مليار متر مكعب)، فالإمارات العربية المتحدة (1.29 مليار متر مكعب)، حيث يستخدم وسطياً ما يزيد على 80 في المائة من المياه المتجددة لصالح القطاع الزراعي. إلا أن الإنتاج الزراعي يعتمد بالدرجة الأولى على موارد المياه الجوفية، على اعتبار أن كميات المياه السطحية تقتصر فقط على تلبية الطلب الكبير للمحاصيل على المياه. ويقدر الاستجرار السنوي من المياه الجوفية في مجلس التعاون بنحو 16.5 مليار متر مكعب مقارنة مع المعدل السنوي لتغذية المياه الجوفية البالغ 4.8 مليار متر مكعب. نتيجة لذلك، تتعرض موارد المياه الجوفية إلى استنزاف سريع يحمل تأثيرات خطيرة على مستوى زيادة استخدام الطاقة لاستخراج المياه الجوفية وتدهور نوعية المياه. ولعل اتساع الهوة بين الامداد بالمياه العذبة والطلب عليها، إلى جانب التأثيرات المتوقعة للتغيرات المناخية، تشكل عوامل تتسبب في ضغط هائل على الزراعة لتخفيض حصتها من استخدام المياه العذبة والبحث عن مصادر بديلة قادرة على تأمين احتياجات هذا القطاع.

أضحى استخدام مياه الفضلات الصناعية أو البلدية (المعالجة منها وغير المعالجة) في الزراعة ممارسة شائعة في كثير من البلدان القاحلة وشبه والقاحلة في العالم. إذ يمكن استخدام مياه الفضلات ومحتواها من المغذيات بشكل واسع للري وكذلك لخدمات نظم بيئية أخرى، ما يخفف من الضغط على استهلاك المياه الجوفية والمياه العذبة. أضف إلى ذلك أن مياه الفضلات تعطي منافع على الصعيد البيئي والاجتماعي-الاقتصادي من قبيل الحدّ من مشكلات التخلص من الفضلات السائلة، وتوفير المغذيات كأسمدة، إلى جانب تحسين إنتاج المحاصيل خلال الموسم الجاف. ويمكن لإعادة استخدام مياه الفضلات أن يعود بمنافع إيجابية على المجتمعات الزراعية والمجتمع ككل والبلديات (كتوفير المياه العذبة وتوفير الأسمدة ومنع التلوث). ورغم المنافع المذكورة، تعتمد امكانية استخدام مياه الفضلات في الري على النوعية الفيزيائية والكيميائية والمكروبية لمياه الفضلات، إذ قد يتسبب الاستخدام المتواصل لمياه الفضلات في مشكلات صحية خطرة تصيب الإنسان والحيوان بفعل التراكم الكبير من المعادن الثقيلة في الأغذية. وعليه، من الأهمية الكبيرة بمكان فهم تأثيرات إعادة استخدام مياه الفضلات المعالجة من خلال البحث المتواصل لتقييم تأثير تلك المياه في المحاصيل والأعشاب وكذلك في التربة والبيئة.

ولتناول قضايا ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتحرى إكبا الحلول والتقانات المبتكرة لإعادة استخدام مياه الفضلات على نحو آمن في الزراعة بما يضمن إنتاج الأغذية وتحقيق الأمن التغذوي والمائي مستقبلاً في البيئات الهامشية. ولعل اقتسام المعلومات المتعلقة بالممارسات الفضلى وتبادل الدروس المستقاة بخصوص الاستخدام المناسب لمياه الفضلات المعالجة يشكل مسألة حيوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تتصف بندرة المياه. وبالتالي، يعمل إكبا على إيجاد منصة إقليمية على شبكة الانترنت تسهل اقتسام النتائج والمعلومات والدروس المستقاة، ناهيك عن الممارسات الفضلى المتعلقة بإعادة استخدام مياه الفضلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.